التسونامي ومصر

الأهمية البحثية لظاهرة التسونامي 

أصبحت ظاهرة التسونامي محط اهتمام الجهات البحثية والدول المختلفة خاصة بعد حادث التسونامي الشهير لعام 2004  بالمحيط الهندي وما خلفه من دمار شامل في كثير من الدول المطلة علية وخاصة اندونيسيا والهند. ولعل ابرز مظاهر هذه الدمار هي فقدان ما يزيد عن 300 إلف نسمة في غضون ساعات قليلة، وإزالة وتدمير مدن وقرى ساحلية بالكامل في كارثة تعتبر ثالث اكبر كارثة إنسانية على مستوى العالم ناتجة عن الظواهر الطبيعة واكبر كارثة في تاريخ ظاهرة التسونامي. ولعل ما يضاعف الآثار السلبية المتوقعة لظاهرة التسونامي هو التنمية العمرانية الغير المستدامة لكثير من المناطق الساحلية والذي أدى لتدمير عوامل المقاومة الطبيعية لهذه المناطق لظاهرة التسونامي هذا بالإضافة لتحويل معظم المناطق الساحلية على مستوى العالم وهي التي تمثل مساحتها 4% من إجمالي مسطح الأرض، إلى مناطق كثافة سكانية مرتفعة تؤوي ما يزيد عن 30% من أجمالي السكان على مستوى العالم وهو نسبة متوقع لها الزيادة لتصل إلى 50% في السنوات القليلة القادمة. كل هذه الأسباب جعلت معظم التجمعات الساحلية  بوضعها الحالي أكثر عرضه لمخاطر التسونامي في حالة عدم تفعيل الإجراءات التخطيطية والوقائية اللازمة لحماية المجتمعات المحلية من أخطار هذه الظاهرة. ولكي يستطيع المخططين العمرانيين ومخططي الكوارث تفعيل الإجراءات اللازمة ظهر الاحتياج لنموذج تطبيقي، وهو النموذج الذي يقدمه البحث، والذي يمكن من خلاله تحديد المناطق وحدود ومستويات الغمر المتوقعة في حالة تعرض منطقة ساحلية لموجات التسونامي هذا بالإضافة إلى إمكانية تحديد التدمير الحادث للبنية المشيدة بهذه المناطق.

 

التسونامي ومصر

ولكن ما علاقة هذه الظاهرة بمصر وهل السواحل المصرية معرضة لخطورة من هذه الظاهرة. بقدر ما كانت الإجابة على هذه التساؤلات صادمة للباحث فقد جاءت لتعبر وتثبت مدى أهمية إجراء أبحاث للتخطيط الوقائي المستدام لحماية التجمعات الساحلية من ظاهرة التسونامي، والتي يأتي هذا البحث في إطارها. ومن خلال دراسة نظرية متعمقة لتاريخ ظاهرة التسونامي في البحر المتوسط ومصر، وجد أن 10% من إجمالي حوادث التسونامي تحدث في البحر المتوسط هذا بالإضافة أن البحر المتوسط يعتبر معمل مصغر لجميع الظواهر الطبيعية والزلزالية المختلفة التي يمكن أن تنتج عنها ظاهرة التسونامي. والمثير للدهشة أيضا أن هناك رصد تاريخي دقيق لحادثين تسونامي ضربا السواحل المصرية وخاصة مدينة الإسكندرية ونتج عنهما خسائر بشرية ومادية جسيمة على مستوى المدينة بالكامل. إذا فهناك تاريخ للمدينة من حيث تعرضها لمثل هذه الظاهرة الأمر الذي يجعل مثل هذا الأمر "ممكن الحدوث" وهو التصنيف المعتمد من قبل كثير من علماء التسونامي ليس هذا فقط بل أن الـ UNESCO في دراسة لها عام 2011 صنفت مدينة الإسكندرية على أنها من "المدن المعرضة لأخطار التسونامي في أي لحظة". أضف إلى ذلك التضخم السكاني المستمر للمدينة وحقيقة أن معظم المدينة تقع في أراضي منخفضة لا يزيد ارتفاعها عن 1 إلى 2 متر فوق منسوب سطح البحر هذا بالإضافة لبعض المناطق التي ينخفض منسوبها عن منسوب سطح البحر. كل هذه الأمور تجعل المدينة بوضعها الحالي أكثر عرضه لتقدم للعالم كارثة عالمية في حالة تعرضها لتسونامي دون اتخاذ أي من الإجراءات التخطيطية والوقائية اللازمة لحماية المجتمعات المحلية من أخطار هذه الظاهرة.