Cv

من مؤلفات الدكتور عبد الرحمن فودة :

رسال الماجستير :

الفن القصصي عند نجيب الكيلاني – دراسة نقدية  ...

تناول فيها البناء الفني للأعمال القصصية و أبرز العناصر فيها ، 
و هي :

1-                        الشخصية بأنواعها و أبعادها .

2-                        الصراع الدرامي بأشكاله المختلفة .

3-                        الزمان و المكان .

4-                        اللغة و الحوار .

5-                        التكنيك الفني .

6-                        القصة القصيرة عند نجيب الكلاني .

ثم خاتمة البحث .

 

 

 

 

 

رسالة الدكتوراه : ( الجهود البلاغية لمحمد الطاهر ابن عاشور ) :

 

الشيخ الطاهر ابن عاشور هو أحد أعلام القرن الرابع عشر الهجري – العشرين الميلادي ، كان عميداً لكلية الشريعة بجامعة الزيتونة بتونس ، 
و ولي منصب مفتي المالكية بتونس أيضاً ثم صار شيخاً للجامع الأعظم بالزيتونة ، و كان عضواً بمجامع الفقه و اللغة في العالم العربي .....
  • تناول الباحث في التمهيد ترجمة للشيخ الطاهر ابن عاشور ثم المصادر التي اعتمدها في مؤلفاته ثم المصطلح البلاغي عنده .
  • في الفصل الأول ( بناء الجملة ) تناول الظواهر الآتية : ( التقديم 
    و التأخير ) ، ( الحذف و الذكر ) ، ( الالتفات ) .
  • الفصل الثاني في الصورة البيانية ( الاستعارة ) ، ( الكناية 
    و التعريض ) .
  • في الفصل الثالث ظواهر الإعجاز البلاغي عند الطاهر :

-     ظاهرة مبتكرات القرآن .

-     ظاهرة استعمال المشترك في معنييه أو معانيه .

-     ظاهرة التفنن و متشابه النظم .

-     ظاهرة التناسب .

  • ثم الخاتمة و فيها أهم نتائج البحث .

 

و من مؤلفات الطاهر ابن عاشور :

 

  • تفسير القرآن الكريم المسمى ( التحرير و التنوير ) .
  • كشف المغطى في شرح الموطا .
  • مقاصد الشريعة .
  • تحقيق ديوان بشار بن برد .
  • تحقيق قلائد العقيان للفتح بن خاقان .
  • شرح ديوان النابعة الزبياني .
  • شرح المقدمة الأدبية للمرزوقي .
  • أليس الصبح بقريب .
  • الواضح في مشكلات شعر المتنبي .

 

 

 

من البحوث البلاغية التي نشرت للدكتور عبد الرحمن فودة :

  • السياق و أثره في تنوع أوصاف العذاب في القرآن الكريم . حولية كلية دار العلوم – جامعة القاهرة 2013 .
  • بنية التضاد في لامية العجم للطغرائي – كلية الأداب – جامعة بنها 2012 .
  • التوجيه البلاغي للقراءات القرآنية 
    ( بين ورش و حفص نموذجاً ) – حولية كلية دار العلوم – يناير 2015 .

مبتكرات القرآن

 

 

مبتكرات القرآن وعاداته

يحصر الشيخ الطاهر مبتكرات القرآن فى نقاط نوجز عرضها فيما يلى :

1-     مجيىء القرآن مخالفاً فى أسلوبه لأسلوب الشعر ، ومخالفاً لأسلوب الخطابة بعض المخالفة ، فنظمه يجرى على طريقة مبتكرة ليس فيها اتباع للطرائق المعروفة فى الكلام .

2-              وروده مقسما مسوراً .

3-     عدم التزام القرآن أسلوباً واحداً فى سوره . فتكاد تكون لكل سورة لهجة خاصة . فبعضها مبنى على فواصل ، وبعضها ليس كذلك .ومن سوره ما افتتح بمقدمات : كالحمد ، وياآيها الذين آمنوا ، والم ذلك الكتاب ، وحم ، والمر ، ونحو ذلك .

ومنها ما افتتح بالهجوم على الغرض من أول الأمر كما فى ( براءة ) و( محمد )

4-     وروده بجمل دالة على معان مفيدة محررة شأن الجمل العلمية والقواعد التشريعية وذلك كقوله تعالى }

لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون

{( النساء 95)

وقوله تعالى فى سورة القصص }

ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله

{ (وآية50)

وقوله تعالى }

إن الإنسان لفى خسر إلا الذين آمنوا

{ ( العصر 2-3)

5-     استعماله للفظ المتشرك فى معنيين أو معان إذا صلح المقام بحسب اللغة العربية لإرادة ما يصلح منها ، واستعماله اللفظ فى معنييه الحقيقى والمجازى إذا صلح المقام لإرادتهما، وإثباته بالألفاظ التى تختلف معانيها باختلاف حروفها أو اختلاف حركات حروفها. (1)

6-     اشتماله على الأسلوب القصصى الفريد فى حكاية أحوال النعيم والعذاب فى الآخرة وفى تمثيل الأحوال كما توحى بذلك آية الأعراف }

ونادى أصحاب الجنةأصحاب النار

{ ( 44)

ـــــــــــــــ

(1) يأتى بيان تفصيل ظاهرة استعمال المشترك فى معنييه أو معانيه ص   من البحص

7-              التمثيل وقد أوضح القرآن الأمثال  وأبدع فى تركيبها كما فى قوله تعالى :

}

مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح فى يوم عاصف

{ (إبراهيم18)

وقوله }

ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح فى مكانسحيق

{ ( الحج 31)

وقوله تعالى }

والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة

…{ ( النور 39)

وقوله تعالى }

والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشىء

…{ ( الرعد 14)

8-             ايجاز المتمثل فى صلوحية معظم آيات القرآن لأنه تؤخذ منها معان متععدة كلها تصلح لها العبارة باحتمالات لا ينافيها اللفظ .ويشمل هذا الإيجاز إيجاز الحذف  (والاختصار هو نهج التنـزيل )

9-              الإطناب وله مواطن خاصة به كتوصيف الأحوال التى يراد بتفصيل وضعها إدخال الروع فى قلب السامع .

10-         الجزالة والرقة (1)

وهذه الصفات وإن كان بعضها مشتركاً بين القرآن وكلام العرب ، فإنها بما اشتهرت أنماطه فى الأدب الإسلامى بتأثير القرآن أو كانت فى كتاب الله أوضح وأجمل وأتم وأكمل، فاعتبرت لذلك من مبتكرات القرآن .

وأما عادات القرآن الكيرم فى اسعمالات فتتضح فى الآية

= تخصيص بعض الألفاظ المترادفة أو التراكيب العامة بدلالة معينة مثل الكأس الخمر . والمطر للعذاب و{

يا آيها الناس

} لمشركى مكة

= ومن عاداته المزاوجة بين لفظين لمعنيين لا يذكر أحدهما إلا مع الآخر كالصلاة والزكاة، ومثل الجوع والخوف ، والجنة والنار ، والرغبة والرهبة ، والمهاجرين والأنصار ، والجن والأنس ، ونحوها .

ــــــــــــ

(1) انظر : المقدمة العاشرة من مقدمات تفسير التحرير والتنوير جـ1/

 

 

= ومما اطرد استعماله فى القرآن الكريم مقارنة الوعد بالوعيد ، والبشارة بالإنذار وقد بين الشيخ فى نهاية هذا البحث أنه استقرى بجهده عادات كثيرة فى اصطلاح القرآن ذكرها فى مواضعها ( وهى مضمنة فى هذا المبحث ) مثل استعمال هؤلاء ، وحكاية المحاورات والمجاورات بلفظ قال دون حرف عطف إلا إذا انتقل من محاورة إلى أخرى .

" وإنك لتراه بعد هذا وهو يكشف عما فى آى القرآن من طرق الاستعمال العربى وخصائص بلاغته ، يدرس الظاهرة الفنية فى التعبير  ويحلل عناصرها ، ويذكر وجوهها فى كلام العرب ، وما تندرج تحته من قوانين وأحكام استقراها وضبط قواعدها علماء البيان…"(1)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ــــــــــ

(1) من مبحث الدكتور محمد الحبيب بلخوجة ( الجانب اللغوى والبيانى فى التحرير والتنوير ) مجلة مجمع اللغة العربية ص ـ48 جزء54

(1) مبتكرات القرآن 

يرى الشيخ الطاهر ابن عاشور أن ملاك وجوه إعجاز القرآن الكريم راجع إلى ثلاث جهات:

الجهة الأولى : بلوغه الغاية القصوى مما يمكن أن يبلغه الكلام العربى من حصول كيفيات فى نظمه مفيدة معانى دقيقة ونكتاً من أغراض الخاصة من بلغاء العرب مما لا يفيده أصل وضع اللغة بحيث يكثر فيه ذلك كثرة لا يدانيها شىء من كلام البلغاء من شعرائهم وخطبائهم.

الجهة الثانية : ما أبدعه القرآن من أفانين التصرف فى نظم الكلام مما لم يكن معهوداً فى أساليب العرب ، ولكنه غير خارج عما تسمح به اللغة .

الجهة الثالثة: ما أودع فيه من المعانى الحكمية والإشارات إلى الحقائق العقلية والعلمية مما لم تبلغ إليه عقول البشر فى عصر نزول القرآن وفى عصور بعده متفاوتة.

وأضاف بعض العلماء جهة رابعة وهى ما انطوى عليه القرآن من الإخبار عن المغيبات مما دل على أنه منـزل من علام الغيوب. (1)

وقد علق على هذه الجهات بما حاصله أن إعجاز القرآن من الجهتين الأوليين متوجه إلى العرب لأنه معجز لفصحائهم ولعامتهم بواسطة إدراكهم أن عجز مقارعيه عن معارضة برهانه ساطع على أنه تجاوز طاقة جميعهم . ثم هو دليل على صدق المنـزل عليه  r  لدى  بقية البشر الذين بلغهم صدى عجز العرب بلوغاً لا يستطاع إنكاره لمعاصريه بتواتر الأخبار ولمن جاء بعدهم بشواهد التاريخ.

والقرآن معجز من الجهة الثالثة للبشر جميعًا إعجازًا مستمرًا على مر العصور.

ومن الجهة الرابعة معجز لأهل عصر نزوله  إعجازًا تفصيليًا ومعجز لمن يجيئ بعدهم ممن يبلغه ذلك بسب تواتر نقل القرآن وتعين صرف الآيات المشتملة على هذا الإخبار إلى ما أريد منها. (2)

 

ـــــــــــــــ

(1) انظر :التحرير والتنوير حـ1/104

(2) انظر: السابق حـ1/105

ولقد وضع الشيخ عنواناً فرعياً عند كلامه على إعجاز القرآن ،وهو" مبتكرات القرآن" وهو يعنى به أن القرآن الكريم استخدم ألفاظاً واصطلاحات وتراكيب –حقيقية ومجازية – لم يكن العرب قد استعملوها فى لغتهم شعراً ونثراً. ولعل ذلك راجع إلى الجهة الثانية من جهات إعجاز القرآن التى أشار إليها الطاهر سابقاً.

 

والطاهر يذكر لنا أنه باستقرائه لأساليب العرب - وهو ذو باع كبير فى هذا - وجد أن القرآن الكريم استخدم أساليب فيها ابتكار وجدة على لغة العرب لم يستخدموها فى كلامهم . وقد رأيناه يجزم أحيانًا كثيرة بأن هذا الاستعمال من مبتكرات القرآن

إذ يقول : "ولم يسمع فى كلامهم " " وهو من مبتكرات القرآن" وأحيانًا أخرى يتحسب ويضع الاحتمالات فيقول :"وأحسب أن هذا الاستعمال من مبتكرات القرآن "

و" ولا يحضرنى مثاله من كلام العرب" و "يحتمل أنها من مبتكرات القرآن"

ولعل فى هذه الأقوال وما شابهها تحفظاً من الشيخ الطاهر على الرغم من دقته وتحريه وسعة اطلاعه على منظوم العرب ومنثورهم.

وقد تنوعت هذه المبتكرات بين كلمة غير مستعملة عند العرب بالمعنى المقصود فى التعبير القرآنى ،  أو  تركيب من التراكيب لم ينسج فى كلام العرب على منواله

- وإن كانت مفرداته عربية فصيحة - كما أن بعض هذه التراكيب مستعمل فى الصور البيانية ، وبعضها فى الاستعمال السائر.

 

إذًا جديد الشيخ الطاهر فى هذا المبحث هو وقوفه على استخدامات قرآنية لم تكن معهودة لفصحاء العرب بدليل عدم وجودها فى شعرهم ، ولكنهم تقبلوها واستحسنوها بدليل أنه لم يؤثر أن أحدهم اعترض على أسلوب من أساليب القرآن أو تركيب من تراكيبه أو لفظة من ألفاظه ، وهم من هم فصاحة وبياناً، ولعل كلمات الوليد بن المغيرة "إن له لحلاوة ..........." خير شاهد على تقبلهم هذه الأساليب دون اعتراض .

 

وقد جمعت فى هذا المبحث بعض ما وقفت عليه من كلام الشيخ فى هذه المسألة وحاولت أن أستقرئ بعض دواوين الشعر الجاهلى وبعض معاجم اللغة عسى أن أظفر بما يخالف رأى الشيخ فلم أجد ، ومن ثم وافقته فيما ذهب إليه ، وإن كان ثمة مخالف فعليه أن يأتى بالدليل ، ونحن مع الدليل إن شاء الله ندور حيث دار ، فإن صح الدليل فهو مذهبنا.

 من هذه الاصطلاحات التي لم تكن تستخدم في المدلول الذي استخدمها فيه القرآن الكريم ما يلي :

 

=مصطلح (الفاسقين) :

فقد قال الشيخ الطاهر في تفسير قوله تعالى: }

يضل به كثيراً ويهدي به كثيراًوما يضل به إلا الفاسقين

{  . (سورة البقرة 26)

"والفاسق لفظ من منقولات الشريعة ، أصله اسم فاعل من الفسق وحقيقة الفسق خروج الثمرة من قشرها ، وهو عاهة أو رداءة في الثمر ، فهو خروج مذموم يعد من الأدواء.....قالوا : ولم يسمع في كلامهم في غير هذا المعنى حتى نقله القرآن الكريم للخروج عن أمر الله تعالى الجازم بارتكاب المعاصى الكبائر ، فوقع بعد ذلك في كلام السابقين". ( 1 )

والمشار إليهم في قوله ( قالوا ) هم بعض أئمة اللغة ، وقد وقفت على تسمية صاحب اللسان في مادة ( فسق ) لأحدهم ، وهو ابن الأعرابي ، حيث نسب إليه قوله :

( لم يسمع قط في كلام الجاهلية ولا في شعرهم فاسق ) .

والشيخ يشير هنا إلى أن الشريعة نقلت هذا اللفظ من استعمال إلى استعمال آخر غير المعهود فى لغة العرب قبل القرآن الكريم.

ـــــــــــــــــــــ

( 1 ) انظر التحرير والتنوير جـ 1/ 366 ووقع فى الأصل ( السابقين) ولعل الصواب ( اللاحقين)لأنه الأنسب للسياق.

 

 

=كلمة ( صبغة ) في قوله تعالى :  }

صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون

{ (البقرة آية 138 )

 يرى الشيخ إطلاق اسم الصبغة على المعمودية ( أي تعميد اليهود والنصارى ذويهم وذلك بإنزالهم في ماء معين ) يحتمل أن يكون من مبتكرات القرآن، ويحتمل أن يكون نصارى العرب سموا ذلك الغسل صبغة ، ولم يقف الشيخ على ما يثبت ذلك من كلامهم في الجاهلية ، لكنه قال : ( أيًّاما كان فإطلاق الصبغة على ماء المعمودية أو على الاغتسال به استعارة مبنية علي تشبيه وجهه تخييلى إذ تخيلوا أن التعميد يكسب المعمد به صفة النصرانية ويلونه بلونها كما يلون الصبغ ثوبا مصبوغا " ( 1 )

 

= كلمة ( واسع ) في قوله تعالى :  }

قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم

{  (سورة آل عمران آية 73)

والواسع من صفات الله سبحانه وتعالى وأسمائه الحسنى ، قال الشيخ الطاهر :" ومعنى هذا الاسم عدم تناهى التعلقات لصفاته ذات التعلق ، فهو واسع العلم ،واسع الرحمة ، واسع العطاء ، فسعة صفاته تعالى أنها لا حدّ لتعليقاتها .. لأنه الواسع المطلق . وإسناد وصف واسع إلى اسمه تعالى إسناد مجازى .. ولذلك يؤتى بعد هذا الوصف أو ما في معناه من فعل السعة بما يميز جهة السعة من تمييز نحو : }

وسع كل شئ علما

{ ،  }

ربنا وسعت كل شئرحمة وعلما

{ . فوصفه في هذه الآية بأنه واسع هو سعة الفضل لأنه وقع تذييلا لقوله تعالي : }

قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء

{ (2) . وأحسب أن وصف الله بصفة واسع في اللغة العربية من مبتكرات القرآن الكريم " (3)

ــــــــــــــــــــ

( 1 ) السابق 1 / 743 . وقد أشار صاحب لسان العرب نقلا عن الأزهري وغيره إلي أن النصارى تسمى غمس أولادهم في الماء صبغا لغمسهم إياهم فيه . انظر اللسان مادة صبغ .

(2) وقع خطأ –ولعله سبق قلم أو وهم - فى استدلال الشيخ بالآية حيث ذكر أن الوصف (واسع) وقع تذييلاً لقوله }

ذلك فضل الله يؤتيه منيشاء

{ وجلىُّ أن الآية التى معنا هى }

قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء

{

(3) التحرير والتنوير جـ3/284.

 

= كلمة (الجاهلية) في قوله تعالى : }…

وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غيرالحق ظن الجاهلية

… { (سورة آل عمران آية 154)

قال الطاهر : "والجاهلية صفة جرت على موصوف محذوف يقدر بالفئة أو الجماعة ، وربما أريد به حالة الجاهلية في قولهم:أهل الجاهلية.وقوله تعالى : :}...

تبرج الجاهلية الأولى

{(الأحزاب 33)

 والظاهر أنه نسبة إلى الجاهل الذى لا يعلم الدين ولا التوحيد ، فإن العرب أطلقت الجهل على ما قابل الحلم .. وأطلقت الجهل على عدم العلم ..

وأحسب أن لفظ ( الجاهلية) منمبتكرات القرآن

، وصف به أهل الشرك تنفيراً من الجهل ، وترغيباً فى العلم، ولذلك يذكره القرآن فى مقامات الذم فى نحو قوله : }

  أفحكم الجاهلية يبغون

{ (المائدة 50)

}

ولا تبرجن تبرج الجاهلية

{ ، }

إذ جعل الذين كفروا فى قلوبهم الحمية حمية الجاهلية

{ ( الفتح26)

وقال ابن عباس : سمعت أبى فى

الجاهلية

يقول: اسقنا كأساً  دهاقاً .. وقالوا:

شعرالجاهليةوأيام الجاهلية

، ولم يسمع ذلك كله إلا بعد نزول القرآن وفى كلام المسلمين"(1)

 

= مصطلح ( أَهْل) فى قوله تعالى : }

ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصناتالمؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم منبعض فانكحوهن بإذن أهلن وآتوهن أجورهن بالمعروف

..{  ( النساء 25)

قال الطاهر :" فُرع عن الأمر بنكاح الإماء بيان كيفية ذلك فقال }

فانكحوهنبإذن أهلن

{ وشرط الإذن  لئلا يكون سرّاً وزناً ، ولأن نكاحهن دون ذلك اعتداء على حقوق أهل الإماء.

والأهل هنا بمعنى السادة المالكين ، وهو إطلاق شائع على سادة العبيد فى كلام الإسلام . وأحسب أنه من مصطلحات القرآن تلطفاً بالعبيد ،كما وقع النهى أن يقول العبد لسيده :

ــــــــــــــــ

(1) التحرير والتنوير جـ4/136. ولم يذكر أصحاب المعاجم هذه اللفظة فى مادة ( جهل) إلا بالمعانى التى ذكرها الشيخ ، إذ لم يستدلوا عليها من كلام العرب بشىء. انظر تهذيب اللغة واللسان ، والقاموس المحيط.

 

سيدى . بل يقول : مولاى . ووقع فى حديث بريدة "

أن أهلها أبوا إلا أن يكون الولاءلهم

"(1)

 

=

مصطلح  (هؤلاء ) فى قوله تعالى:  : }

وجئنا بك على هؤلاء شهيداً

.{ (النساء41).

قال الطاهر: " و(هؤلاء) إشارة إلى الذين دعاهم النبى صلى الله عليه وسلم لحضورهم فى ذهن السامع عند سماعه اسم الإشارة .وأصل الإشارة يكون إلى مشاهد فى الوجود أو منـزّل منـزلته . وقد اصطلح القرآن على إطلاق إشارة (هؤلاء) مراداً بها المشركون وهذا معنى إُلهمنا إليه .."(2)

وقال فى موضع آخر تعليقاً على قوله تعالى : }

أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكموالنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوماُ ليسوا بها بكافرين

  { ( الأنعام 89 ):

" والإشارة فى قوله ( هؤلاء) إلى المشركين من أهل مكة وهى إشارة إلى حاضر فى أذهان السامعين .. وقد تقصيت مواقع القرآن فوجدته يعبر عن مشركى قريش كثيراً بكلمة (هؤلاء) .. ولم أر من نبه عليه  من قبل " (3)

ومثل ذلك قوله تعالى :}

بل متعنا هؤلاء وآباءهم

{    (الأنبياء 44):

" الإشارة بـ( هؤلاء) لحاضرين فى الأذهان وهم كفار قريش . وقد استقريت أن القرآن إذا ذكرت فيه هذه الإشارة دون وجود مشار إليه فى الكلام فهو يعنى بها كفار قريش".(4)

ــــــــــــــ

(1) التحرير والتنوير جـ5/15 وقد أكد الشيخ مارآه فى مصطلح (الأهل) فى هذه الآية، بما ورد فى السنة المطهرة عن النبى صلى الله عليه وسلم من النهى عن قول العبد : سيدى . ولعله فاته الاستدلال بقوله عليه السلام أيضاً : لا يقل أحدكم : عبدى وأمتى . ولكن . فتاى وفتاتى . والشاهد إذاً أن مصطلح ( أهل ) ليس المقصود منه هنا العشيرة والقرابة ، وإنما السيد المالك لهذه الأَمَة.

 (2) التحرير والتنوير جـ5/57.

(3) السابق    جـ7/353.

(4) التحرير والتنوير جـ17/75-76 وقد أكد على هذا فى مواطن أخرى ، منها عند قوله تعالى :

}

ومن هؤلاء من يؤمن به

{ العنكبوت 47 فقال :  "

وهذا قد ألهمنى الله إليه "

جـ21/ 9 التحرير والتنوير .

 

 

=

ومن  هذه المصطلحات مصطلح

( سجِّين

) حيث بين الشيخ أن هذا المصطلح لم يعرف فى كلام العرب قبل القرآن ، وإن كانت مادته وصيغته موضوعتين فى العربية وضعاً نوعياً ، وقد سمع العرب هذا الاسم ولم يطعنوا فى عربيته .(1)  ومعناه أشد الحبس لمن فيه فلا يفارقه.

وقد وردت هذه الكلمة مرتين فى القرآن الكريم فى سورة المطففين فى الآية السابعة والآية الثامنة }

كلا إن كتاب الفجار لفى سجين .وما أدراك ما سجين

{ وقول الشيخ ( ولم يطعنوا فى عربيين ) يعكر عليه ما قاله السيوطى عنها :

" ذكر أبو حاتم فى كتاب " الزينة " أنه غير عربى "(2)

لكن لم يذكره غيره أن هذه اللفظة غير عربية  فقد قال الراغب :" السجين : اسم لجهنم، وقيل هو اسم للأرض السابقة . وقد قيل إن كل شىء ذكره الله تعالى بقوله }

وماأدراك

{ فسّره ، وكل ما ذكر بقوله { ما يدريك } تركه مبهماً ، وفى هذا الموضع ذكر ( وما أدراك )…"(3)

وعلى هذا فالكلمة عربية ولكنها لم تكن مستخدمة لدى العرب قبل القرآن الكريم .

 

 

 

 

 

 

ـــــــــــــــــ

(1) انظر التحرير والتنوير جـ30/195 . وقد ذكروا من معانيه  السجن ـ واد فى جهنم ـ الصلب الشديد

راجع لسان العرب ( سجن).

(2) المهذب فيما وقع فى القرآن من المعرب صـ56 جلال الدين السيوطى تحقيق د/ إبراهيم محمد أبو سكين مطبعة الأمانة 1400هـ-1980م وقد اختلف الأئمة فى وقوع المعرب فى القرآن .وقد بينه السيوطى فى مقدمة هذا الكتاب صـ9 وما بعدها .

(3) انظر : مفردات الراغب مادة (سجن) صـ طبعة دار القلم دمشق ، ولم يتعرض لها الزمخشرى فى أساس البلاغة (سجن)

من الاستعارات التى اعتبرها الشيخ من مخترعات القرآن .

 

=

قوله تعالى :}

الذين ينقضون عهد الله

..{ ( البقرة 27)

فالنقض هنا استعمل مجازاً فى إبطال العهد ، والقرينة إضافته إلى عهد الله وقد رأى الشيخ أن هذه الاستعارة مبنية على ما شاع فى كلام العرب  فى تشبيه العهد وكلِّ ما فيه وصلُ بالحبل ، وهو تشبيه شائع فى كلامهم . لكن النقض لم يكن مستعملاً عندهم فى إبطال العهد .(1)       

=

ومنها قوله تعالى : }

النجم الثاقب

{  (الطارق 3)

" الثقب خرق شىء ملتئم ، وهو هنا مستعار لظهور النور فى خلال ظلمة الليل . شبه النجم بمسمار أو نحوه ، وظهور ضوئه بظهور ما يبدو من المسمار من خلال الجسم الذى يثقبه مثل لوح ، أو ثوب .

وأحسب أن استعارة الثقب لبروز شعاع النجم فى ظلمة الليل من مبتكرات القرآن . ولم يرد فى كلام العرب قبل القرآن " (2)     

=

ومنها قوله تعالى : }

وتأكلون التراث أكلاً لمّا

{   ( الفجر 19)

" الأكل مستعار للانتفاع بالشئ انتفاعاً لا يُبقى منه شيئاً.

وأحسب أن هذه الاستعارة من مبتكرات القرآن،إذ لم أقف على مثلها فى كلام العرب"(3)

=

ومنها قوله تعالى :  }

مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتـخذت بيتاً

  { (العنكبوت 41)

".. هذه الهيئة المشبه بها مع الهيئة المشبهة قابلة لتفريق التشبيه على أجزائها .

فالمشركون أشبهوا العنكبوت فى الغرور بما أعدوه ، وأولياؤهم أشبهوا بيت العنكبوت فى

ــــــــــــــــــ

(1) انظر: التحرير والتنوير  1/368.

(2) انظر: السابق  30/259.

(3) انظر: السابق  30/334.

 

 

عدم الغناء عمن اتخذوها وقت الحاجة إليها وتزول بأقل تحريك . وأقصى ما ينتفعون به منها نفع ضعيف وهو السكنى فيها، وتوهم أن تدفع عنهم كما ينتفع المشركون بأوهامهم فى أصنامهم . وهو تمثيل بديع من مبتكرات القرآن " (1)

=

   منها    }

وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة . قالوا أتجعل فيها من يفسد فيهاويسفك الدماء ...

{  (البقرة :30)

قال الشيخ الطاهر :

"هذا جواب الملائكة عن قول الله لهم   }

إنى جاعل فى الأرض خليفة

{ فالتقدير : فقالوا. على وزن قوله: }

وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا

.. {(البقرة34) : وفُصل الجواب ولم يعطف بالفاء أو الواو جرياً به على طريقة متبعة فى القرآن فى حكاية المحاورات وهى طريقة عربية . قال زهير :

قيل لهم ألا اركبوا ألا تا قالوا جميعاً كلهم ألا فا

أى :فاركبوا . ولم يقل : فقالوا . وقال رؤبة بن العجاج :

قالت بنات العم يا سلمى وإن كان فقيراً معدماً قالت وإن

وإنما حذفوا العاطف كراهية تكرير العاطف بتكرير أفعال القول ، فإن المحاورة تقتضى الإعادة

 فى الغالب . فطردوا الباب فحذفوا العاطف فى الجميع وهو كثير فى التنـزيل ، وربما عطفوا ذلك

بالفاء لنكتة تقتضى مخالفة الاستعمال وإن كان العطف بالفاء هو الظاهر والأصل .

وهذا مما لم أسبق إلى كشفه من أساليب الاستعمال العربى .(2)

ــــــــــــــــ

(1) التحرير والتنوير   20/252.

(2) التحرير والتنوير جـ1/401 وكأن الشيخ توقع أن يستدرك عليه أحدهم لورود بعض الآيات وقد ذكر فيها حرف الفاء فى العطف أو الواو ن كما فى قوله تعالى :}

فقال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون

  

فقال الملأ

{  (المؤمنون) وقوله تعالى  :}

فأرسلنا فيهم رسولاً منهم أن اعبدوا الله مالكم من إله غيره  أفلا تتقونوقال الملأ من قومه

{  (المؤمنون ). فبين  الشيخ أن هاتين الآيتين لم يكن المقصود حكاية التحاور بل قصد الإخبار عن أقوال جرت . أو كانت الأقوال المحكية مما جرى فى أوقات متفرقة أو أمكنة متفرقة.ويظهر ذلك لك فى قوله تعالى: }  

قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه

{  إلى قوله :}  

وقال فرعون ذرونى أقتل موسى

{  ثم قال تعالى

: }  وقال موسى إنى عذت بربى وربكم

{ ثم قال:}  

وقال رجل مؤمن من آل فرعون

{ (غافر ) فالتفات الشيخ الطاهر هنا ينصب على ترك حذف العطف فى سياق التحاور فقط .

ومن التراكيب التى رأى الشيخ الطاهر فيها جدة وابتكاراً :

 

=

قوله تعالى: }

وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل

000{ ( البقره  127)                

قال الطاهر :

   " للإشارة إلى التفاوت بين عمل إبراهيم وعمل إسماعيل أوقع العطف على الفاعل بعد ذكر المفعول والمتعلقات 0 وهذا من خصوصيات العربية فى أسلوب العطف فيما ظهر لى ولا يحضرنى الآن مثله فى كلام العرب 0 وذلك أنك إذا أردت أن تدل على التفاوت بين  الفعلين فى صدور الفعل تجعل عطف أحدهما بعد انتهاء ما يتعلق بالفعل الأول وإذا أردت            أن تجعل المعطوف والمعطوف عليه سواء فى صدور الفعل تجعل المعطوف موالياً للمعطوف عليه "(1)                 

 

- ولعل مما يؤكد هذه اللفتة أن آية :  

}

 

وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتى00

0{  (البقرة 125 )

لم تفصل بين العهد إلى إبراهيم والعهد إلى إسماعيل وإنما جمعتهما ثم ذكرت المتعلقات بعد ذلك 0 ولعل ذلك راجع إلى أن العهد واحد من الله سبحانه وأن إبراهيم وإسماعيل مكلفان معاً بالعمل بمقتضاه ، على عكس الآية هنا إذ إن عمل إبراهيم منفرد ،ثم يشاركه إسماعيل بعد ولعل مما يدعم ذلك قول الإمام محمد عبده :" وفى الكلام نكتة لطيفة وهى أن ذكر القواعد أولاً ينبه الذهن ويحركه إلى طلب معرفة القواعد ما هى ؟ وقواعد أى شىء هى ؟ فإذا جاء البيان بعد ذلك كان أحسن وقعاً فى النفس ، واشد تمكناً فى الذهن . وأما النكتة فى تأخير ذكر إسماعيل عن ذكر المفعول ، مع أن الظاهر أن يقال : وإذ يرفع إبراهيم وإسماعيل القواعد من البيت ، فهى الإلماع إلى كون المأمور من الله ببناء البيت هو إبراهيم ، وإنما كان إسماعيل مساعداً له ، وقد ورد أنه كان يناوله الحجارة"(2)

ــــــــــــ

(1) التحرير والتنوير ج1/718 .

(2)تفسير المنار جـ1/386 ط الهيئة العامة للكتاب 1972.

 

=

ومنها تركيب :  

}

 

وإياى فارهبون

  000{   (البقرة 40)

 إذ قال الشيخ :" وأحسب أن مثل هذا التركيب من مبتكر أساليب القرآن ، ولم أذكر أن عثرت على مثله فى كلام العرب" (1)       

وجميل من الشيخ أن يتحفظ بقوله ( ولا يحضرنى …) و( ولم أذكر )

 

=

ومنها قوله :  }

قل إنما أنذركم بالوحى

  000{  ( الأنبياء  45 )

"00 الكلام قصر موصوف على صفه 0 وقصره على المتعلق بتلك الصفة تبعاً لمتعلقه فهو قائم مقام قصرين ولم يظهر لى مثال له من كلام العرب قبل القرآن " (2)

 

=

       }

  فأين تذهبون 000{  ( التكوير 26)

  "اعلم أن جملة (فأين تذهبون ) قد أرسلت مثلاً ؛ ولعله من مبتكرات القرآن 0 وكنت رأيت فى كلام بعضهم  ( أين يذهب بك ؟) لمن كان فى خطأ وعماية " (3)

=

     }

ثم لقطعنا منه الوتين

000{  ( الحاقة 46)

" ولم أقف على أن العرب كانوا يكنون عن الإهلاك بقطع الوتين 0 فهذا من مبتكرات

القراّن "  (4)         

 

ومن هذه التراكيب :

 

=

  }

ليس لك من الأمر شىء أو يتوب عليهم

000{  (آل عمران 128)

" ……وهذه الجملة تجرى مجرى المثل إذ ركبت تركيباً وجيزاً محذوفاً منه بعض الكلمات .

ولم أظفر فيما حفظت من غير القرآن بأنها كانت مستعملة عند العرب؛ فلعلها من مبتكرات القرآن .

ــــــــــــــــ

 (1) التحرير والتنوير   1/456.

(2) السابق 17/78.

(3) السابق   30/165 .

(4)السابق  29/146 .

وقريب منها قوله : }

وما أملك لك من الله من شىء

  000{ ( الممتحنة 4)  وسيجىء قريب منها فى قوله الآتى }

يقولون هل لنا من الأمر  شىء

  000{ (آل عمران 154)و  }

يقولون لو كان لنا من الأمر شىء ماقتلنا هاهنا

  000{ ( آل عمران 154)

فإن كانت حكاية قولهم بلفظه فقد دل على أن هذه الكلمة مستعملة عند العرب ،وإن كان حكاية بالمعنى فلا. (1)

والشيخ هنا متحفظ لأنه لم يجزم بل قال (فلعلها) ، وإنما وضع احتمالين :

الأول

: إذا كان هذا الكلام حكاية قولهم بلفظه ففيه دليل على استعمال الكلمة عند العرب0

الثانى

: إن كان حكاية هذا القول بالمعنى فيكون حينئذ من المبتكرات0                                                                 ولعل الشيخ جمع بين هذه الآيات المتشابهة فى التركيب ليخلص إلى ما وصل إليه لأن الآية التى نحن بصددها ليس فيها حكاية أقوال للقوم ،بل هى استئناف من الله عز وجل إذ المعنى :" أن الله مالك أمرهم فإما يهلكهم أو يهزمهم أو يتوب عليهم إن أسلموا أو يعذبهم إن أصروا على الكفر وليس لك من أمرهم شىء إنما أنت عبد مبعوث لإنذارهم ومجاهدتهم000"  (2)

 

وعلى هذا فأنا أَمْيَلُ إلى جعل  هذا التركيب من المبتكرات فى الآيتين :

}

يقولون هل لنا من الأمر من شىء

{ و }

يقولون لو كان  لنا من الأمر شىء ما قتلنا هاهنا

{ ( آل عمران 154)

ومن هذه المبتكرات أيضاً قوله تعالى :  

=

}

ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم فى أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنالفى شك مما تدعوننا إليه مريب

0{  ( إبراهيم 9) .قال الطاهر :

"...

}

والذين من بعدهم

0{  يشمل أهل مدين وأصحاب الرس وقوم تبّـع وغيرهم من

ـــــــــــــــ

 (1) التحرير والتنوير  ج4/83 .

 (2) الكشاف 1/216 .

أمم انقرضوا وذهبت أخبارهم فلا يعلمهم إلا الله ...

وجملة (

لا يعلمهم إلا الله

) معترضة بين (

والذين من بعدهم

) وبين جملة  (

جاءتهم رسلهم بالبينات

) وهو كناية عن الكثرة التى يستلزمها انتفاء علم الناس بهم .

ومعنى (

جاءتهم رسلهم

) جاء كل أمة رسولها .  وضمائر

( ردوا

) و (

أيديهم

)

و (

أفواههم

) عائد جميعها إلى  قوم نوح و المعطوفات عليه .

 

وهذا التركيب لا أعهد سبق مثله فى كلام العرب فلعله من مبتكرات القرآن...

والمعنى أنهم وضعوا أيديهم على أفواههم إخفاءً لشدة الضحك من

كلام الرسل كراهية أن تظهر دواخل أفواههم وذلك تمثيل لحالة الاستهزاء بالرسل(1)

وقال عند قوله تعالى :

=

}

كذلك يوحى إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم

{  (الشـورى 3)

" .. وجملة (

كذلك يوحى إليك

) إلى آخرها ابتدائية ،وتقديم المجرور من قوله (

كذلك

)

على (

يوحى إليك

) للاهتمام بالمشار إليه والتشويق بتنبيه الأذهان إليه . وإذ لم يتقدم فى الكلام ما يحتمل أن يكون مشاراً إليه بـ (

كذلك

) علم أن المشار إليه مقدر معلوم من الفعل الذى بعد اسم الإشارة وهو المصدر المأخوذ من الفعل ، أى كذلك الإيحاء يوحى إليك الله . وهذا استعمال متبع فى نظائر هذا التركيب كما تقدم فى قوله تعالى : }

وكذلك جعلنكم أمة وسطاً

{    فى سورة البقرة .

وأحسب أنه من مبتكرات القرآن إذ لم أقف على مثله فى كلام العرب قبل القرآن .

وما ذكره الخفاجى فى سورة البقرة من تنظيره بقول زهير :

كذلك خِيُمهم ولكل قوم           إذا مستهم الضراء خِيمُ

لا يصح ؛ لأن بيت زهير مسبوق بما يصلح أن يكون مشارً إليه . وقد فاتنى التنبيه على ذلك فيما تقدم من الآيات فعليك بضم ما هنا إلى ما هنالك .(2)

ـــــــــــــــ

(1) انظر : التحرير والتنوير  حـ 13/196.

(2) انظر: السابق  حـ 25/ 27.

                                                    

=

 }

الذى خلق السموات والأرض وما بينهما فى ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمنفاسأل به خبيراً

 {  (الفرقان 59 )

".. وفرع على وصفه بـ"

بالرحمن

" قوله : (

فاسأل به خبيراً

) للدلالة على أن فى رحمته من العظمة والشمول مالا تفى فيه العبارة فيعدل عن زيادة التوصيف إلى الحوالة على عليم بتصاريف رحمته مجّربٍ لها متلقٍّ أحاديثها ممن علمها وجرّبها .

وتنكير (

خبيراً

) للدلالة على العموم ، فلا يظن خبيراً معيناً ؛ لأن النكرة إذا تعلق بها فعل الأمر اقتضت عموماً بدليل أى خبير سألته أعلمك . وهذا يجرى مجرى المثل . ولعله من مبتكرات القرآن . نظير قول العرب ( على الخبير سقطت ) يقولها العارف بالشىء إذا سئل عنه . والمثلان وإن تساويا فى عدد الحروف المنطوق بها فالمثل القرآنى أفصح لسلامته من ثقل تلاقى القاف والطاء والتاء فى ( سقطت ) . وهو أيضاً أشرف لسلامته من معنى السقوط ، وهو أبلغ معنى لما فيه من عموم كل خبير ، بخلاف قولهم على الخبير سقطت ، لأنها إنما يقولها الواحد المعين 000" (1)

 

ومن المبتكرات أيضاً ما فى قوله تعالى :

=

   } 

فكيف تتقون إن كفرتم يوماً يجعل الولدان شيباً

 {  (المزمل 17)

"00 ووصف اليوم بأنه (

يجعل الولدان شيباً

) وصف له باعتبار ما يقع فيه من الأهوال والأحزان ، لأنه شاع أن الهم مما يسرع به الشيب فلما أريد وصف همّ ذلك اليوم بالشدة البالغة أقواها أسند إليه يشيب الولدان الذين شعرهم فى أول سواده .

وهذه مبالغة عجيبة وهى من مبتكرات القرآن فيما أحسب ؛ لأنى لم أر هذا المعنى فى كلام العرب . وأما البيت الذى يذكر فى شواهد النحو وهو :

             إذن والله نرميهم بحرب            تُشيب الطفل من قبل المشيب

فلا ثبوت لنسبته إلى من كانوا قبل نزول القرآن ولا يعرف قائله ، ونسبه بعض المؤلفين إلى حساب بن ثابت . وقال العينى : لم أجده فى ديوانه …"(2)

ــــــــــــــــ                                                        

(1) التحرير والتنوير  19/ 61.

(2)انظر: السابق  29/275.

 و من مبتكرات القرآن

=

قوله تعالى }

خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلية

{  (الأعراف 199)

"والأخذ حقيقته تناول شىء للانتفاع به أو لإضراره ، كما يقال : أخذت العدو من تلابيبه، ولذلك يقال فى الأسير أخيذ ، ويقال للقوم إذا أسروا أخذوا ، واستعمل هنا مجازاً فاستعير للتلبس بالوصف والفعل من بين أفعال لو شاء لتلبس بها ، فيشبه ذلك التلبس واختياره على تلبس آخر بأخذ شىء من بين عدة أشياء .

فمعنى (خذ العفو)

: عامل به واجعله وصفاً ولا تتلبس بضده .

وأحسب استعارة الأخذ للعرف(1)من مبتكرات القرآن.ولذلك أرجح أن البيت المشهور وهـو :

        

خذى العفو منى تستديمى مودتى      ولا تنطقى فى  سورتى حين أغضب

هو لأبى الأسود الدؤلى ، وأنه اتبع استعمال القرآن ، وأن نسبته إلى أسماء بن خارجة الفزارى أو إلى حاتم الطائى غير صحيحة . (2)

=

ومنها قوله تعالى : } 

فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم

{ (الأنفال 1)

قال الشيخ الطاهر:

"واعلم أنى لم أقف على استعمال ( ذات بين ) فى كلام العرب فأحسب أنها من مبتكرات القرآن . (3)              

ومنها:

=

 } 

إذ يغشيكم النعاس أمنة منه

000{   (الأنفال 11) حيث قال الشيخ الطاهر :

"لقد أبدع نظم الآيات فى التنقل من قصة إلى أخرى من دلائل عناية الله تعالى برسوله  r وبالمؤمنين فقرنها فى قرن زمانها ، وجعل ينتقل من إحداها إلى الأخرى بواسطة إذ الزمانية،  وهذا من أبدع التخلص ، وهو من مبتكرات القرآن فيما أحسب.(4)

ـــــــــــــــــ                                                          

(1) كذا بالأصل ، ولعل الصواب ( للعفو ).

(1)  التحرير والتنوير  9/226.

(2)  السابق  9/2549.

(3)  السابق   9/278.

                                                                      

PreviewAttachmentSize
publications.docx18.98 KB
lmbtkrt.docx40.62 KB
  • img-20141227-wa0005.jpg
  • img-20141227-wa0004.jpg
Tourism